4مليار إستثمارات منتجات الحلال في فرنسا
شهد سوق المنتجات الحلال في عام 2009 ازدهارا ملحوظا في فرنسا، التي تحتضن أكبر أقلية مسلمة في أوروبا، تمثلت أهم مظاهرة في دخول شركات ومطاعم كبرى في مجال المنافسة على تقديم المنتجات الحلال.
وذكرت دراسة حديثة اجرتها "وكالة سوليس" أن سوق الحلال في فرنسا وصلت استثماراته في 2009 إلى 4 مليار يورو تقريبا (5.90 مليار دولار) وأن معدل نموه السنوي يقدر بنحو 15%.
وأضافت الدراسة أن السنوات الخمس الأخيرة شهدت توسعا كبيرا في بيع المتاجر الكبرى للمنتجات الحلال وعلى رأسها: "أوتشان"، "لو كليرك"، "سوبر يو"، "كارفور"، "كازينو".
وفي هذا الصدد، ذكرت صحيفة "هيت بيلانج فان ليمبورج"، في تقرير نشرته مؤخرا، أن سلسلة مطاعم "كويك" الشهيرة للوجبات السريعة اعتمدت في منتصف شهر ديسمبر 2009 الأطعمة الحلال في ثمانية من فروعها بفرنسا واصفة هذا التطور بأنه "سابقة لم تشهدها أي من سلاسل المطاعم الشهيرة في أوروبا ولا أمريكا من قبل"؛ نظرا لأن كويك لم تدرج أطعمة حلالا ضمن وجباتها وإنما جعلت الأطعمة الحلال المكون الوحيد لوجباتها في هذه الفروع.
وأضافت الصحيفة البلجيكية أن مطاعم "كويك"، التي تأسست في بلجيكا ثم أصبحت فرنسية، علقت لافتات توضح أن اللحوم التي تقدمها حلال وتتم الموافقة عليها من قبل المسجد المحلي في المدينة التي يوجد بها المطعم والمسجد الكبير في العاصمة الفرنسية باريس وذلك على أبواب الفروع الثمانية الجديدة، التي يوجد اثنان منها في مدينة "مرسيليا"، وفرع واحد في كل من مدن: "تولوز"، "روبي"، "فيلوربان"، "جارج ليه جونيس"، "بوتشلاي"، "أرجينتيول".
"ناقوس خطر"
لكن هذا المسلك من قبل مطاعم "كويك" اعتبره اليمين المتطرف في بلجيكا بمثابة "ناقوس خطر"، وعلامة على ما أسموه بـ "الاستسلام للإسلام الأصولي"، وقد عبروا عن هذا القلق بقولهم: "إذا هطل المطر في فرنسا فإنه سيقطر في بلجيكا".
ونقلت صحيفة "دي ستاندرد" البلجيكية بيانا رسميا لحزب "فلامس بيلانج"، وهو حزب بلجيكي يميني متطرف، اعتبر فيه أن "توفير المتاجر والمطاعم وبيعها للمنتجات الحلال هو استسلام لضغوط الإسلام الأصولي، والذي يدفع لانقياد أعمى للشريعة" على حد زعمه.
وادعى الحزب في بيانه أن تقديم هذه المنتجات الحلال "كفيل بمنح الأصوليين المسلمين الفرصة لمزيد من القوة لفرض الشريعة الإسلامية"، مضيفا: "ما قامت به كويك من توفير مطاعم حلال من شانه رفع وتيرة الأسلمة".
وهدد الحزب، المعروف بتوجهاته المعادية للمهاجرين والأجانب، بتنظيم تحركات مناهضة بالتعاون مع منظمة "مدن ضد الأسلمة"، التي تضم عددا من الأحزاب الأوروبية المتطرفة، حال قامت فروع مطاعم كويك في بلجيكا "بالرضوح لضغط الشريعة الإسلامية" واعتماد مطاعم لها تقدم المنتجات الحلال.
من جهتها نفت سلسلة مطاعم "كويك" أي نية للقيام بفتح مطاعم حلال في بلجيكا على غرار ما تم في فرنسا.
وقال المدير التنفيذي لـ"كويك" "دوريان فيرفال" إن الوضع في فرنسا مختلف عن بلجيكا تماما من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية.
لكنه أوضح أنه في حال نجاح التجربة الفرنسية سيتم إضافة أطباق حلال إلى قوائم الطعام في الفروع البلجيكية، بالإضافة إلى ما يوفرونه بالفعل الآن من وجبات "البرجر النباتي".
وأكد مدير "كويك" على أن الفروع الحلال في فرنسا تسجل نجاحا أوليا ملحوظا، وبالأخص في مدينة "تولوز" التي يجري العمل فيها بشكل جيد للغاية على الرغم من عدم القيام بأية دعاية سوى الإعلان الشفوي.
سلسلة متاجر كازينو
وفي ملمح أخر من ملامح ازدهار سوق المنتجات الحلال في فرنسا، شهد عام 2009 دخول سلسلة متاجر "كازينو" كمنافس قوي في سوق المنتجات الحلال لشركة "إيسلا ديليس" التي ظلت محتكرة لهذا السوق في فرنسا منذ عام 1989.
وتوفر متاجر "كازينو" نحو 400 منتج حلال وهو ما يمثل 4% من منتجاتها، ولتنشيط تجارتها في هذا المجال أطلقت موقع "وسيلة" (www.wassila.fr) الذي يساعد المستهلك المسلم على إقتفاء أثر المنتجات ومعرفة كافة المعلومات عن منشأ ومكان تربية الحيوان وذبحه.
يشار إلى أن القائمين على المساجد الكبرى في المدن الفرنسية يقومون بدور رئيسي في التحقق من المنتجات المطروحة في سوق الحلال، وعلى رأس هذه المساجد "المسجد الكبير" في باريس والذي يشرف على مراقبة وتوزيع 70% من هذه المنتجات، بالإضافة إلى مسجدي "إيفري"، و"ليون".
ولا تقتصر المنتجات الحلال في السوق الفرنسية على اللحوم، وإنما اتسعت في الآونة الأخيرة لتشمل العديد من المواد الغذائية الأخرى مثل الألبان والحلويات والأطعمة الخفيفة، وموادا غير غذائية مثل مستحضرات التجميل.
وتعتبر الأقلية المسلمة بفرنسا أكبر أقلية في أوربا، حيث تقدر بنحو 6 ملايين مسلم بحسب تقديرات رسمية فرنسية، في حين تذهب تقديرات داخل المنظمات الإسلامية إلى أن الرقم قد يصل إلى عشرة ملايين نسمة من إجمالي تعداد السكان البالغ حوالي 64 مليون نسمة.
واعتُرِفَ بالإسلام رسميا في فرنسا عام 2003 بعد تأسيس "المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية" عن طريق الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، والذي كان آنذاك وزيرا للداخلية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق