|    بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ الحمدُ للهِ ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رَسولِ اللهِ وعلى آلهِ وصحبهِ    ومَنْ والاهُ ، أمَّا بعدُ :فَفِي اليومِ الثَّاني عشر منْ شهرِ ربيعِ الأولِ مِنْ كُلِّ سنةٍ هجريةٍ ،    يَتَداعَى الكثيرونَ مِنْ أبناءِ الإسلامِ في مُختلفِ الأقطارِ الإسلاميةِ    للاحتفالِ بمناسبةِ(المولدِ النَّبويِّ) ، ويُقدَّرُ عَددُ المرتادِينَ    لهذا المولدِ بالملايينِ المملينةِ في بعضِ البلادِ الإسلاميةِ[1] .
 
 و تَتعدَّدُ مظاهرُ هذا الاحتفالِ[2] ، ويأخذُ ألواناً متنوعةً مِنَ    الابتهاجِ ؛ حيثُ تُزَيَّنُ المساجِدُ ، وتُنْشدُ فِيها القصائدُ الخاصَّةُ    بالمولدِ ؛ كما في (قصيدةِ البردةِ) ، وتُنصبُ الخيامُ الكبيرةُ ، وتُغنَّى    فيها المدائحُ النَّبويَّةُ ، و غالباً ما يُصاحِبُ ذلكَ اختلاطٌ بينَ    الجنسينِ ، ونوعٌ مِنَ التَّمايلِ والتَّراقصِ ، وتُؤْكلُ خلالَ ذلكَ    الحلوى المصنوعةُ خصيصاً لهذا المولدِ ؛ كما تُرْفعُ الأَعْلامُ ، وتُحْملُ    الرَّاياتُ المخصَّصةُ لهذهِ المناسبةِ .
 وهَكذا تَجْرِي أَحداثُ المولدِ النَّبويِّ ، وتَنْقَضِي سَاعَاتُهُ في    جَوٍّ ، يَطْغى عليه المرحُ والضَّجيجُ ، و إِنَّ لَنا –بَعدَ ذلكَ    كُلِّهِ- أَنْ نقولَ لأُولئكَ المشاركينَ في(المولدِ النَّبويِّ)-ونَحنُ    لَهم نَاصِحونَ مُشفقونَ- : على رِسْلِكُمْ أَيُّها المحتفلونَ! فَما    هَكَذا يَكونُ فَرَحُكم بمولدهِ صَلَّى الله عليهِ وسلَّمَ!! وما هَكَذا    يَكونُ تعبيرُكم عنْ محبتهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ!! ، وإنَّ الواجبَ    عليكم أنْ تَقوموا بِعمليةِ مُراجعةٍ دقيقةٍ لما تَقومونَ بهِ مِنْ أعمالٍ    ؛ استناداً على أَدواتِ التَّمحيصِ والتَّحقيقِ الماثلةِ في أُصولِ مِنهاجِ    النُّبوةِ ، وقَواعدهِ الَّتي بِهَا يُعْرفُ الحقُّ منَ الباطلِ، والهدى    مِنَ الضَّلالِ ؛ كما قَالَ تعالى : {اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ    هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}[لأحقاف : 4] .
 
 وفي ذلكَ يَقولُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ-رَحمهُ اللهُ- :
 ((وَقَدْ طَالَبَ سُبْحَانَهُ مَنْ اتَّخَذَ دِينًا بِقَوْلِهِ { ائْتُونِي    بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ } . فَالْكِتَابُ    : الْكِتَابُ ، وَالْأَثَارَةُ كَمَا قَالَ مَنْ قَالَ مِنْ السَّلَفِ :    هِيَ الرِّوَايَةُ وَالْإِسْنَادُ ، وَقَالُوا : هِيَ الْخَطُّ أَيْضًا ؛    إذْ الرِّوَايَةُ وَالْإِسْنَادُ يُكْتَبُ بِالْخَطِّ وَذَلِكَ لِأَنَّ    الْأَثَارَةَ مِنَ الْأَثَرِ ، فَالْعِلْمُ الَّذِي يَقُولُهُ مَنْ    يُقْبَلُ قَوْلُهُ يُؤْثَرُ بِالْإِسْنَادِ ، وَيُقَيَّدُ بِالْخَطِّ    فَيَكُونُ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ آثَارِهِ)) [3] .
 
 وتَبقى التَّساؤلاتُ الملِّحةُ :
 • مَنْ هُوَ أَوَّلُ مَنِ احتفلَ بـِ(المولدِ النَّبويِّ) في تَاريخِ    الإسلامِ ؟
 • هَلِ احتفلَ سَلفُ الأُمَّةِ الكرامُ مِنَ القرونِ الفاضلةِ-رَضِيَ اللهُ    عَنْهم-بـِ(المولدِ النَّبويِّ) ؟
 • هَلِ اتَّفقَ المؤَرِّخُونَ على تأريخٍ مُعيَّنٍ لمولدِ النَّبيِّ-صلَّى    اللهُ عَليهِ وسلَّمَ- ؟
 • مَا حُكْمُ الشَّريعةِ في الاحتفالِ بـِ(المولدِ النَّبويِّ) ؟
 أَقولُ وباللهِ التَّوفيقُ ؛ إجابةً لهذهِ التَّساؤلاتِ الملِّحةِ ؛    انطلاقاً مِنَ البراهينِ العلميةِ؛ دَاعياً إلى التَّأَمُّلِ فيها بكُلِّ    إِنصافٍ ومَوضوعيةٍ :
 إنَّ أَوَّلَ مَنِ احتفلَ بـِ(المولدِ النَّبويِّ) في تَاريخِ الإسلامِ ،    هُمْ (بنو عبيدِ القدَّاحِ)[4]:
 خلفاءُ الدَّولةِ الفاطميةِ ؛ كما أَبانَ عَنْ هَذهِ الحقيقةِ التاريخيةِ    العلامةُ (المقريزيُّ)-رَحمه اللهُ- إذْ يَقولُ تَحتَ عُنوانِ: (ذِكرُ    الأيَّامِ الَّتي كَانَ الخلفاءُ الفَاطِميونَ يَتَّخِذونها أَعياداً    ومَواسِمَ تَتَّسِعُ بها أَحْوالُ الرَّعيةِ وتَكثرُ نِعَمُهم) :
 ((كَانَ للخُلفاءِ الفَاطميينَ في طُولِ السَّنةِ أَعيادٌ ومَواسِمُ، وهِي:    مَوسمُ رَأسِ السَّنةِ، ومَوسِمُ أَوَّلِ العَامِ، ويَومُ عاشَوراءَ،    ومولدُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسلَّم...))[5] .
 فَمنْ هُمْ هَؤُلاءِ (بنو عبيدِ القدَّاحِ) ؟
 
 يَقولُ عَنْهم شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية-رحمهُ الله- :
 ((كَانُوا يُظْهِرُونَ أَنَّهُمْ رَافِضَةٌ وَهُمْ فِي الْبَاطِنِ :    إسْمَاعِيلِيَّةٌ ونصيرية وَقَرَامِطَةٌ بَاطِنِيَّةٌ كَمَا قَالَ فِيهِمْ    الْغَزَالِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِهِ الَّذِي    صَنَّفَهُ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ : ظَاهِرُ مَذْهَبِهِمْ الرَّفْضُ    وَبَاطِنُهُ الْكُفْرُ الْمَحْضُ ، وَاتَّفَقَ طَوَائِفُ الْمُسْلِمِينَ :    عُلَمَاؤُهُمْ وَمُلُوكُهُمْ وَعَامَّتُهُمْ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ    وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَغَيْرِهِمْ :    عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا خَارِجِينَ عَنْ شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ وَأَنَّ    قِتَالَهُمْ كَانَ جَائِزًا ؛ بَلْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ نَسَبَهُمْ كَانَ    بَاطِلًا ، وَأَنَّ جَدَّهُمْ كَانَ عُبَيْدَ اللهِ بْنِ مَيْمُونٍ    الْقَدَّاحِ لَمْ يَكُنْ مِنْ آلِ بَيْتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ    عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَصَنَّفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ مُصَنَّفَاتٍ ،    وَشَهِدَ بِذَلِكَ مِثْلُ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ القدوري إمَامِ    الْحَنَفِيَّةِ ، وَالشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ الإسفرائيني إمَامِ    الشَّافِعِيَّةِ ، وَمِثْلِ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى إمَامِ    الْحَنْبَلِيَّةِ ، وَمِثْلِ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ إمَامِ    الْمَالِكِيَّةِ .
 وَصَنَّفَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ ابْنُ الطَّيِّبِ فِيهِمْ كِتَابًا فِي    كَشْفِ أَسْرَارِهِمْ ، وَسَمَّاهُ \" كَشْفَ الْأَسْرَارِ وَهَتْكُ    الْأَسْتَارِ \" فِي مَذْهَبِ الْقَرَامِطَةِ الْبَاطِنِيَّةِ ،    وَاَلَّذِينَ يُوجَدُونَ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ مِنْ الإسْماعيليَّة    وَالْنُصَيْرِيَّة وَالدُّرْزِيَّةِ وَأَمْثَالِهِمْ مِنْ أَتْبَاعِهِمْ ،    وَهُمْ الَّذِينَ أَعَانُوا التَّتَارَ عَلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ    وَكَانَ وَزِيرُ هُولَاكُو \" النَّصِيرَ الطوسي مِنْ    أَئِمَّتِهِمْ،وَهَؤُلَاءِ أَعْظَمُ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلْمُسْلِمِينَ    وَمُلُوكِهِمْ)) [6] .
 أَفَبعدَ هَذهِ الحقيقةِ العلميةِ التَّاريخيةِ القطعيةِ ، يجوزُ لأَحدٍ    أنْ يحتفلَ بالمولدِ النَّبويِّ، أو يبتهجَ بهِ ، و هُوَ مِنْ صنيعِ    أُولئكَ الملاحدةِ الزَّنادقةِ ؟!!
 أَمَّا سَلفُ هذهِ الأُمَّةِ الكرامِ مِنَ القرونِ الفاضلةِ-رَضِيَ اللهُ    عَنْهم- ؛ فإنَّ أهلَ العِلمَ قَاطبةً اتَّفقوا على أَنَّ وَاحِداً منهم    لَمْ يحتفلْ بهذا المولدِ النَّبويِّ ، وإِنَّما هو شَيءٌ أُحْدِثَ بعدهم ؛    كَما نَقلَ ذلكَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية[7] ، و الإمامُ الفاكهانيُّ[8] ،    والعلامةُ ابنُ الحاج[9]-رَحمهم اللهُ- .
 وَمِنَ الحقَائقِ التَّاريخيةِ الثَّابتةِ أَنَّ المؤرِّخينَ قَدِ اختلفوا    في تحديدِ شَهرٍ مُعيَّنٍ ، أَوْ يَومٍ معينٍ لمولدِ النَّبيِّ-صَلَّى    اللهُ عليه وسلَّمَ- ؛ فَقَالَ بَعْضُهم : إِنَّهُ صَلَّى اللهُ عليهِ    وسلَّم وُلِدَ في رَمضانَ ، وَقَال آخرونَ : إِنَّهُ وُلِدَ في رَبيعِ    الأَوَّلِ .
 أَمَّا يَومُ مَولدهِ ؛ فقد اختلفوا فيهِ على خمسةِ أقوالٍ : فَقِيلَ:    لليلتينِ خَلتَا مِنْهُ ، وَ قِيلَ: لِعشرٍ خَلونَ مِنْهُ ، وَ قِيلَ:    لِثمانٍ خَلونَ مِنْهُ ، وَ قِيلَ: لاثْنَتيْ عَشرة خَلتْ مِنْهُ ، وَ    قِيلَ: لِثمانٍ بَقينَ مِنْهُ[10] .
 علاوةً عَلَى أَنَّ الشَّهرَ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ نَبِيُّنَا مُحمَّدٌ    صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ هُو الشَّهرُ ذَاتُهُ الَّذِي تُوفِّيَ فيهِ    ؛ كَمَا نَبَّهَ على ذلكَ غَيرُ واحدٍ مِنَ أهلِ العلمِ المحقِّقينَ[11] .
 فَهلْ يُعْقلُ-بَعدئِذٍ- أنْ يحتفلَ مُسْلمٌ يُحِبُّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ    عليهِ وسلَّمَ حقٍّا بيومٍ مَشكوكٍ فِيهِ ؟! أَوْ يَفرحَ بيومٍ ماتَ فيهِ    ؟!!
 وبعدَ هذه الحقائقِ العلميةِ التاريخيةِ القطعية ، نَصِلُ-بإذنِ الله- إلى    النَّتيجةِ الحاسمةِ في حُكمِ الاحتفالِ بِـ(المولْدِ النَّبويِّ)-بلا    تَلجلجٍ ولا مواربةٍ- ، وهو أَنَّهُ لا يجوزُالاحتفالُ بـِ(المولدِ    النَّبويِّ) ، وذلكَ مِنْ جهتينِ :
 أولاهما : مِنْ جهةِ أصلِ الاحتفالِ ؛ والأخرى : مِنْ جهةِ مآلاتهِ وما    يَجُرُّهُ مِنْ مفاسدَ عظيمةٍ .
 أَمَّا مِنْ جهةِ أصلهِ ؛ فَإِنَّهُ مِنَ البدعِ المحدثةِ في الدِّين ؛    لأَنَّ الرَّسولَ صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم لم يَفْعلْهُ ، ولا خُلفاؤهُ    الرَّاشدونَ ، وهُمْ أَعْلمُ النَّاسِ بالسُّنةِ ، وأكملُ حُبًّا لرسولِ    اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم ومُتابعةً لشرعهِ ممنْ بَعدهُم[12] .
 وقد ثَبتَ عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّم التَّحذِيرُ    الشَّديدُ مِنْ إِحْداثِ البِدعِ والعملِ بها في أَحاديثَ كثيرةٍ ، منها :
 قَوْلُهُ- صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: ((مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا    مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ))[13] ، أَيْ : مَردودٌ عَليهِ[14] ، وَ    قَوْلُهُ- صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ    يَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ    فَإِنَّهَا ضَلاَلَةٌ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ    بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا    عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ)) [15] .
 كَذلكَ فإِنَّ إحداثَ مثلِ هذه الموالدِ البدعيةِ فِيهِ مَزلقٌ في غايةِ    الخطورةِ ، وهو مَاثلٌ في أَنَّ اللهَ سُبحانَه لم يُكملْ دِينَه لهذهِ    الأُمَّةِ ، وأَنَّ الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم لم يُبلِّغْ ما    يَنبغي للأُمَّة أَنْ تَعملَ بهِ ؛ و منْ ثَمَّ-وحَاشاه منْ ذلكَ- يَكونُ    كاتِماً لأمانةِ البلاغِ الَّتي أَمَرهُ اللهُ تعالى بأدائِها ، وفي هَذا    مِنَ المضادَّةِ الفَظيعةِ لنصوصِ الكتابِ والسُّنةُ ما اللهُ بهِ عليمٌ ؛    كما في قولهِ تَعالى : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ    وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً    }[لمائدة : 3] ، وقولهِ تَعالى : {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا    أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ    رِسَالَتَهُ}[لمائدة: 67]
 وليسَ ثَمَّتَ مجالٌ للشَّكِ في أَنَّ الرَّسولُ صلَّى اللهُ عَليه وسلَّم    قد بَلَّغَ البلاغَ المبينَ ، كما ثبتَ في الحديثِ الصَّحيحِ ، عنْ عبدِ    الله بنَ عَمرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عنهما ، قالَ رَسُولُ اللِه    صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ : ((إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِىٌّ قَبْلِى    إِلاَّ كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا    يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ)) [16] .
 
 أَمَّا مِنْ جِهةِ مَآلاتهِ ؛ فَإِنَّهُ ؛ كما يَحْكي الواقعُ المشاهدُ ،    يَجُرُّ إلى مفاسدَ عظيمةٍ ؛ لعلَّ أَبْرزها مَا يلي :
 1-المفاسِدُ الاعتقادِيَّةُ ؛ وَ هَذا قَائِمٌ في ذَلكَ الغُلُوِّ    الشَّنيعِ الَّذي يُخْرِجُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ منْ    مَقامِ البشريةِ إلى مقامِ الألوهيةِ ، و يُصيِّرهُ-عياذاً باللهِ- رَبًّا    يَتوَجَّهُ إليهِ النَّاسُ في دُعَائِهم ، وَاسْتغاثتِهم ، وطلبِهم    للمدَدِ، واعتقادِ أَنَّهُ يَعْلَمُ الغيَبَ ، ونحوِ ذلكَ مِنَ الأُمورِ    الكُفريةِ الَّتي يَتعاطَاها الكَثيرُ مِنَ النَّاسِ حِينَ احْتفالهم    بِمولدِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ[17] ، والَّتي مَا بُعِثَ    رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إلا لإبطالِهَا والقَضاءِ عَلَيها    .
 2-المفاسدُ السُّلوكيةُ و الأخلاقيةُ ؛ كاختلاطِ النِّساء بالرِّجالِ ،    واستعمالِ الأَغاني والمعازفِ ، وشُربِ المسكراتِ والمخدِّراتِ ، وإضاعةِ    الأموالِ الطَّائلةِ، وقدْ يَقعُ فِيهِ ما هو أعظمُ منْ ذلكَ كُلِّهِ ،    وهُو مَا تَراهُ مَاثلاً في تَعطيلِ الصَّلاةِ الَّتي هي أكبرُ شَعيرةٍ في    الإسلامِ[18] .
 وَاللهُ المسْئُولُ أَنْ يُوَفِّقَنا وَسَائِرَ المسلمينَ لِلفقهِ في    دِينهِ ، والثَّباتِ عَليهِ ، وَأَنْ يَمُنَّ عَلى الجميعِ بِلزومِ    السُنَّةِ ، وَالحَذرِ مِنَ البِدعِ ، إِنَّهُ جَوادٌ كَريمٌ .
 | 
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق