نور الإسلام تضيء كولومبيا
رسالة الإسلام مي عباس
إن الحديث عن الإسلام في كولومبيا أو غرناطة الجديدة كما سميت قديما يحيي الأمل، فالنماذج المشرقة للمتمسكين بالأسلام والمسلمين الجدد تفرض نفسها بقوة على الساحة لتؤكد على حيوية الإسلام وقدرة أبنائه لي النهوض مهما كان حجم العثرات.
فقد كشفت صحيفة "التيمبو" عن دراسة صدرت مؤخرا عن مركز الدراسات اللاهوتية والأديان في جامعة روزاريو موضوعها "المسلمون في كولومبيا".
وطبقا للدراسة فإن 20 شخصا يعتنقون الإسلام في العاصمة الكولومبية "بوجوتا" شهريا معظمهم ترعرعوا في الكنيسة الكاثوليكية، وأن المسلمين الجدد يشكلون نسبة عالية تصل إلى 45% من تعداد المسلمين في كولومبيا الذين تقدر الدراسة أعدادهم بـ 15 ألفا يعتنق 90% منهم المذهب السني.
وإذا كانت الأرقام تظهر إقبال الكولومبيين على الإسلام وزيادة نسبة معتنقيه فإن ذكر هذه الحقيقة ليس الغرض منه الترويح عن المسلمين وإبهاجهم ولكنها تلقي على عاتق القادة والدعاة والأفراد في الأمة الإسلامية عبئا ثقيلا وتذكرهم بحق إخوانهم عليهم في تلك البلاد البعيدة، لأن التعطش للإسلام من قبل أبنائه ومعتنقيه الجدد في كولومبيا تستغله بعض الجهات لنشر مذاهب ضالة ومنحرفة، إن كولومبيا في حاجة ماسة إلى نشر الوعي وتقديم الإسلام بصورته الحقيقية بعيدا عن الزيف والخرافة عبر المراكز الإسلامية وقنوات الاتصال المختلفة.
• منارات الإسلام في كولومبيا
كان الدستور الكولومبي منذ الاستعمار الأسباني ينص على أن الكنيسة الكاثوليكية هي كنيسة الدولة الرسمية، لكن دستور عام 1991 ألغى هذه الفقرة ونص على حرية العبادة في مادتين من مواده وكفل معاملة عادلة ومتساوية من الحكومة تجاه جميع الأديان.
ولا تزال الكاثوليكية هي المذهب السائد حيث ينتمي 75% من السكان إليه، إلا أن الإحصائيات تشير إلى أن 35% فقط هم من يلتزمون بها فعليا.
وطبقا لشبكة "وي لف بوجوتا" فإن عددا من المراكز الإسلامية يعمل في كولومبيا، في : سان أندريس، وبوجوتا، وجواخير، ونارينيو، وسانتا مارتا، كما توجد مدارس إسلامية في بوجوتا، وميكاو، ويوجد ثاني أكبر مسجد في قارة أمريكا اللاتينية في "مياكو" وهو "مسجد عمر بن الخطاب" حيث تعيش أكبر جالية مسلمة في كولومبيا.
ويعد مركز "الدعوة الكولومبية" أحد المراكز الإسلامية الواعدة في أمريكا اللاتينية، ويقع في منطقة "دوس كيبراداس" بمدينة "بيريرا" التي تعد أحد المناطق الرئيسية لزراعة البن في كولومبيا، وقد أدى موقعها المركزي ونشاط حركة المواصلات بها إلى جعلها موقعا مثاليا لإنشاء مركز إسلامي متصل بجميع أنحاء البلاد، والذي كان بداية لمرحلة جديدة في حياة الجالية المسلمة في كولومبيا.
ويحكي مؤسس المركز "داود عبد الغفور" ـ دفيد جابرييل هيريرا سابقا ـ إن فكرة إنشاء منارة دعوية كولومبية رافقته منذ اللحظة التي اعتنق فيها الإسلام، حيث كان يشرح لعائلته وأصدقائه سبب دخوله في الإسلام واختياره له، وقد أحس أنه ملزم بتعريف الناس بطريق الهداية.
ويقول: "الحمد لله لم يمضي وقت طويل حتى دخل العديد من أصدقائي وزملائي في العمل في الإسلام، بل وعائلتي أيضا".
ويضيف:" وهكذا فإن رغبتي في الدعوة في بلدي جعلتني أترك لندن وأعود إلى كولومبيا وبدأت أستخدم وسائل مختلفة لإيصال رسالة الإسلام إلى الناس، وقد دخل بفضل الله الكثيرون في الإسلام مما جعلني موقنا بأن الشعب الكولومبي مستعد تماما لقبول دين الله".
ويقول "داود" إن الهدف من مشروع الدعوة هو إنشاء مركز توعية على المنهج الصحيح في مدينة "بيريرا" مع توفير السبل والإمكانيات لنشر الإسلام وتعليم المسلمين أمور دينهم.
وويستطرد الداعية الكولومبي قائلا:" عندما أقول مركز توعية سليم فلابد أن أوضح أن المسجد وحده لا يفي بهذا الغرض، وإنما المسجد في إطار مركز متكامل يضم مكتبة، وغرفة اجتماعات، وفصول تعليمية، ويحتوي على الوسائل الدعوية المختلفة مثل: الكتب، والمواد الصوتية والمرئية".
ويؤكد على أن الشعب الكولومبي أكثر استعدادا – في رأيه- من الأوروبيين لتقبل الإسلام، نظرا لكونه محافظا على قيمة الأسرة، والإيمان بوجود الله، ويستشعر أهمية الدين.
ويوضح "داود" أن المركز يدعو إلى الله بالقرآن والسنة والتركيز على قدرة الإسلام على حل مشكلات المجتمع.
وناشد المسلمين أن يرسلوا إلى المركز الكتب التي تساهم بدور كبير في تعريف الكولومبيين بالإسلام.
أما المركز الثقافي الإسلامي في "ميدلين" والذي يضم مسجدا، ومكتبة، وفصول لتعليم أحكام الإسلام واللغة العربية، وحلقات لتحفيظ القرآن الكريم، فيهتم بإقامة ندوات نقاشية عن الإسلام بعد صلاة الجمعة، ويقدم المعلومات عن الإسلام للباحثين والسائلين.
• من الكاثوليكية إلى الإسلام .. قصص هداية من بوجوتا
رصدت صحيفة "التيمبو" قصصا لطالب جامعي، ومحاسب، ومهندسة في العاصمة الكولومبية "بوجوتا" نشأوا في أحضان الكنيسة الكاثوليكية ولكنهم اهتدوا إلى الإسلام.
* البحث عن إجابات منطقية
نشأ "أندريس أولارتي" في عائلة كاثوليكية محافظة، ولكن حياته تغيرت كليا قبل خمس سنوات عندما اعتنق الإسلام.
لقد اختار لنفسه اسما جديدا وهو "طارق" ويحكي قصة إسلامه فيقول:" كان عمري 11 عاما عندما كنت أدرس في مدرسة لإعداد الكهنة ولم أشعر أبدا بالاقتناع ولا التفاعل مع التعليم الديني الكاثوليكي ولا توجيهاته الروحية".
ويستطرد:" لم أجد إجابات منطقية لعقيدة الخطية الموروثة ولا سر الثالوث، فإذا كانوا إلها واحدا فماذا كان وضع الآب والروح القدس أثناء صلب يسوع؟، وكيف استقام العالم بدون الرب من يوم الجمعة إلى يوم الأحد الذي يقولون أنه كان قيامة يسوع من بين الأموات؟".
وفي هذه السن المبكرة قرر "طارق" أن يمضي وقت فراغه في القراءة عن مختلف الديانات والعقائد، فتعرف على أفكار شهود يهوه، والكنيسة السبتية والانجليكانية، كما قرأ عن اليهودية والبوذية والهندوسية.
ولكن الإسلام وحده هو الذي منح قلبه السلام وأجابه عن الأسئلة التي طالما حيرته، وقد ظل يدرس الإسلام ويتعلم العربية ويقرأ القرآن في المنزل لسنوات قبل أن يعتنق الإسلام عن قناعة وحب كاملين.
* أعد ليكون كاهنا .. لكنه اختار الإسلام
عندما كان "يسوع أرماندو جارسيا" طفلا كان خادما في الكنيسة، وأدخل المدرسة الكاثوليكية، حيث كان أهله يرجون أن يصبح كاهنا، ولكن مسار حياته تغير عام 1986 عندما سافر لقضاء العطلة في الولايات المتحدة الأمريكية وكانت خطته أن يقضي شهرا هناك لكنه مكث لثلاث سنوات، وامتهن المحاسبة وتعرف على أصدقاء مصريين مسلمين تعرف من خلالهم على الإسلام وبعد 3 أشهر بدأ ويرى في نومه رؤى دفعته لاعتناق الإسلام، وتغيير اسمه إلى "يوسف".
ويقول "يوسف" ذي الـ55 عاما أنه عرف في الإسلام معنى العبادة والتواضع والالتزام الأخلاقي الحقيقي، ويحرص على أداء الصلاة في مواعيدها، كما ينوي أداء فريضة الحج العام المقبل.
* 'أنا ولدت من جديد مع الإسلام'
بهذه الجملة عبرت "بيلا" عن اعتناقها للإسلام.. فقد نشأت في بيت كاثوليكي، وعندما بلغت الـ18 من عمرها ألحقها أهلها بفصول الكنيسة لتتعلم المسيحية إلا أنها لم تكمل هذه الدراسة وقررت ألا تلتحق بأية مؤسسة دينية.
لكنها عندما بدأت تقرأ عن الإسلام شعرت بأنه يصحح المفهوم المسيحي عن المرأة بأنها أصل الخطيئة، ووجدت في العقيدة الإسلامية ملاذا روحيا وفكريا كانت متعطشة إليه.
لقد اعتنقت الإسلام قبل 5 سنوات واختارت لنفسها اسما جديدا هو "سكينة" لأن هذا هوالشعور الذي غمرها في رحاب الإسلام.
وتقول "سكينة":" لقد ارتديت الحجاب وأشعر أنه يمنح المرأة احتراما كبيرا ولا أهتم بسخرية أحد".
وتقول مهندسة الأغذية "سكينة" أن زوجها أيضا اعتنق الإسلام لما شعر بأن القرآن يمنحه كل الأجوبة المقنعة التى سعى كثيرا للحصول عليها، وأنهما يعملان على تنشئة طفليهما نشأة إسلامية صحيحة.
• كولومبيا بلد التنوع الثقافي
كتب الباحث الاجتماعي بمركز الدراسات اللاهوتية والأديان " دييجو كاستيلانوس" عن ظاهرة انتشار الإسلام بين الكولومبيين في الآونة الأخيرة، وأكد على أن الحضارة الإسلامية هي أحد مكونات الحضارة الأسبانية والتاريخ الكولومبي.
ويقول "كاستيلانوس" إن أحد الأساتذة الجامعيين قد حدثه عن استيائه ودهشته من اعتناق بعض الكولومبيين للإسلام، وقال له:" الإسلام هو دين في الشرق الأوسط، ولا أفهم ماذا يفعل في بلدنا، إنه ليس جزءا من هويتنا".
ويعلق "كاستيلانوس" بأن هذا الرأي يتبناه البعض رغم كونه يغفل أمورا هامة، منها:
"أن الإسلام دين عالمي وليس دين العرب فحسب، وهذا ما سمح بقيام حضارة عظيمة في ظلال هذا الدين، ومجرد النظر إلى لغتنا نجد أكثر من 4 آلاف كلمة عربية، وكذلك تأثر العمارة الهندسية بالحضارة الإسلامية.
ونحن نعرف أن الإسلام كان موجودا في كولومبيا، وأن كثيرا من الأفارقة الكولومبيين جذورهم إسلامية، ولكن ذكر الإسلام محي من تاريخنا".
وعن انتشار الإسلام وخاصة بين الكولومبيين الأفارقة في "بوينافينتورا"، وفي العاصمة بوجوتا، يقول:
"المسلمون يعيشون ويعملون مع غيرهم من الكولومبيين في سلام، لأن كولومبيا هي بلد التنوع".
 
 
 
 



 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق